هل من حقنا أن نقلق مناخياً
د. عدنان بهية 26 أيلول 2021
يشعر الكثير من الناس بالامتعاض والجزع من قادة بلدانهم ومدنهم في طرقهم الهمجية وغير المسؤولة للتعامل مع الطبيعة والبيئة المحيطة بمدنهم، مما يولد شعوراً بالخوف على مستقبل شبابهم وأبنائهم. وهي مشاعر غير مريحة تأتي نتيجة ما نراه لصور التدمير للطبيعة والبيئة بطرق غير صحية مقرونة بالتقاعس السياسي والاجتماعي وعدم وجود استراتيجيات فاعلة لحماية البيئة وديمومتها.
يزداد هذا القلق والإحباط والحزن عندما يرتبط هذا الفشل بواقع أزمة المناخ مع ضعف استجابة الحكومات حول العالم لمشاكل المناخ وتأثيراتها حول مستقبل البشرية والبيئة الأرضية، ليتحول الى قلق مناخي. يأتي الشعور بالقلق المناخي في الغالب نتيجة تعلقنا الفطري والعميق بالطبيعة وبالكوكب من حولنا. وكيف لنا ألا نشعر بالقلق؟ وإن أغلب أوقات سعادتنا مرتبطة بالسفر خارج بيوتنا الصغيرة والسياحة والتعايش مع الطبيعة ومياهها وخضرتها وجه لوجه. كما إن الإحباط لا يأتي من عدم وجود معالجات لقلقنا في مجتمعاتنا الصغيرة وكيفية التعايش معه، بل إن هذا القلق مصدره سياسات عالمية واقتصادية من قبل أغلب حكومات دول العالم في كيفية استغلالها للثروات الطبيعية وتعاملها بلا إحساس مع البيئة والمناخ دون أدنى مسؤولية أو محاسبة.
ولغرض وضع القارئ أمام صورة القلق المناخي حول العالم، قامت إحدى المنظمات الدولية المهتمة بالمناخ بإجراء أكبر استطلاع عالمي لرأي أكثر من عشرة آلاف شاب وشابة في 10 دول حول القلق المناخي. أظهرت النتائج أن مستوى القلق المناخي مرتفعٌ للغاية في جميع البلدان المشمولة، وأن السبب في ذلك لا يقتصر على الأزمات المناخيّة التي نشهدها بل يتعلّق أيضاً بفشل الحكومات في اتخاذ خطواتٍ جدّيّةٍ لإنهاء أزمة المناخ، حيث يمكن للحكومات لعب أدوار أكثر جدية وعمقاً لوقف جموح التغيّر المناخي. أثبتت الدراسة ما يلي؛
1- إن ما يقرب من نصف الشباب (٤٥٪) يقولون إن القلق المناخي يؤثر على حياتهم اليومية، وكيف سيلعبون ويأكلون ويدرسون وينامون في ظل أزمات بيئية باتت قريبة من مدنهم وقراهم كالجفاف والفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات مصدرها غالبا هو التغيير المناخي.
2- يعتقد ثلاثة أرباع الشباب (٧٥٪) أن "المستقبل مرعب" وتزداد هذه النسبة في مدن ساحلية كالبرتغال والفليبين.
3- يعتقد 6 أشخاص من كل 10 ( ٥٨٪ ) إن الحكومات تخون الأجيال المستقبليّة" ولا تفعل ما يكفي لتجنب الكوارث المناخية.
4- يعتقد 4 أشخاص من كل 10 (٣٩٪) إنهم باتوا متردّدين في إنجاب الأطفال.
يؤكّد علماء النفس أن القلق المناخي لا يصيب الأطفال وحدهم، بل يؤثّر على جميع البشر من مختلف الأعمار في كلّ مكانٍ على الأرض. كيف نحول مضمون هذه الرسالة الى درس لفهم القلق المناخي وتحويله إلى مصدر أملٍ وإلهامٍ من أجل حماية كوكبنا فنحن جزء حيوي من سكان هذا الكوكب وسنبقى.
لقد أفادت هذه الدراسة بعضا من الشباب الذين رفعوا دعاوى قضائية من أجل التغيير المناخي في بلدانهم، وقد وصلت دعاوى قضية المناخ المرفوعة ضد ٣٣ حكومة، وقد وصل بعضها لدول قمة المناخ التي ستعقد هذا العام برعاية الأمم المتحدة، وحاز على تغطية إعلامية ضخمة لدرجة أن الأمين العام للأمم المتحدة تطرق لنتائج هذه الدراسة خلال كلمته الأخيرة أمام زعماء العالم.
ان الشعور بدرجة معينة من القلق المناخي هو استجابة طبيعية، والتحدث عنه مفيد، وكجزء من البشر نحن بحاجة إلى إيجاد مساحتنا للمشاركة في كيفية تعايشنا مع القلق المناخي وأن يكون محفزاً لنا من خلال؛ إننا لسنا الوحيدين المتضررين من التغيير المناخي، أن يكون لنا صوت ومساحة للتحدث مع أشخاص آخرين حول التغير المناخي، أن مواجهة الأزمة لا تتوقف علينا ولكن يمكن لشخص واحد أن يفعل الكثير، رغم إن مواجهة هذه الأزمة هي مسؤولية جماعية.
على الصعيد الشخصي علينا العناية بصحتنا النفسية والعاطفية. وأن نقضي بعض الوقت في الطبيعة والتواصل معها والتمتع بجمالها لنستهم الدافع للنضال من أجل إنقاذ كوكبنا.
المصدر؛ فريق عمل آفاز, .