كيف نبدأ في التنوع الاقتصادي ونحن دولة ريعية ينخر فيها الفساد..
د. عدنان بهية في 9 أيلول 2021
يعتمد الاقتصاد العراقي حاليا وبشكل كبير على النفط الخام الذي يشكل بحدود 98٪ من صادرات البلاد، وأكثر من 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من 90٪ من الإيرادات العامة للدولة. لذلك، من الصعب الحديث عن أي تنويع ما لم يتغير الدور المهيمن للنفط الخام في الاقتصاد. بالتأكيد ينبغي إنفاق جزء من عائدات النفط لتعزيز وتنمية القطاع الخاص، وتحسين البنية التحتية وبيئة الأعمال التمكينية.
ومع تغلغل ظاهرة الفساد كالسرطان في جميع مفاصل الدولة والاقتصادية منها بالذات من الصعب تخيل أي تنوع اقتصادي في العراق من دون استراتيجية شاملة لتطوير القطاع الخاص وتتحكم في موازنة وتقليص دور الحكومة في مفاصل الاقتصاد المنتج ومحاربة الفساد على جميع المستويات.
يمكن تعريف التنوع الاقتصادي بشكل عام بأنه عملية بناء اقتصاد الدولة معتمدا على مجموعة متعددة من القطاعات الاقتصادية التي تتداخل مع بعضها البعض لتأسيس وتصنيع وتوفير مجموعة كبيرة من السلع والخدمات لتشكل مصادر دخل متعددة لتلك الدولة وتستمر في تعظيمها.
تؤدي سياسة التنويع الاقتصادي الى بناء استراتيجية هدفها ادامة النمو الاقتصادي الذي أحد أهم دعائمه القيمة الفائضة والتنمية المستدامة، فهو يحقق درجة كبيرة من الاكتفاء الذاتي من السلع الاساسية والسلع التي تعزز نشاط التصدير الذي يساهم في تحقيق التوازن في الميزان التجاري. لم تعد هناك دول كثيرة تعتمد على اقتصاد احادي الجانب ومصدر دخل واحد، بل إن معظم دول العالم المتقدمة منها عدد لا يستهان به من الدول النامية لديها اقتصاد متنوع ولكن تختلف درجة تنوعه ومصادر دخله من بلد الى اخر.
في نفس الوقت لازالت هناك دول قليلة جدا تمتلك اقتصادا بدائيا او هشا، ومنها من تملك امكانات ومصادر مهمة يمكن استخدامها لبناء اقتصاد متعدد الانشطة، لكنها لم تنجح في ذلك وانما استخدمت هذه المصادر لتغطية نفقاتها غالباً كما هو حاصل في العراق الذي يمتلك اقتصاد ريعياً بامتياز.
لقد ألقى الوضع الاقتصادي المتردي مع عدم وجود رؤية سياسية اقتصادية لإدارة ملف الإقتصاد إلى نشوء صعوبات متعددة في تنفيذ مقترحات مهمة مثل انشاء الصناديق السيادية أو انشاء شركات استثمارية مستقلة ممولة من قبل الحكومة وبمشاركة القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع كبيرة أو استراتيجية هدفها ربحي وتدار من قبل خبراء في المال والاقتصاد والادارة مع جذب استثمارات عالمية وليس قروض للمشاركة في بناء البنى التحتية ومشاريع الطاقة غير مكبلة أو مكلفة للموازنات السنوية تسترد رؤوس أموالها من تشغيل استثماراتها على مديات بعيدة ، وبناء الشراكات بين الشركات الوطنية والشركات العالمية في الدول المتقدمة لنقل الخبرة و التجربة وتطويرها .
منقول ..من حوارات مجلس الطاقة .