حرائق الغابات تأكل الحزام الأخضر لجنوب أوربا من تركيا حتى إسبانيا
د. عدنان بهية 9 آب 2021
تعاني كل من تركيا و اليونان وإيطاليا وإسبانيا من حرائق كبيرة وكثيرة طالت آلاف الكيلومترات من غاباتها ومدنها منتجعاتها وشواطئها السياحية وسواحلها المطلة على البحر الأبيض و بحر إيجة نتيجة موجات الحر والفيضانات الشديدة التي اجتاحت العالم هذه الأيام، ورغم قلة الضحايا من البشر، إلا إن الخسائر في البيئة والبنى التحتية والمساكن ووسائل ومعدات الإطفاء تقدر بالمليارات.
كل ذلك يتطلب دوليا ومجتمعيا رفع الصوت عاليا في الحديث عن التغير المناخي حول العالم؟ خاصة إذا ما سمعنا خبرا مفاده حدوث حرائق غابات في سيبيريا الممتدة أقصى الشمال الروسي، وهي من المناطق الباردة و المتجمدة أغلب أيام السنة !
إنها ليست مشكلة دولة واحدة فحسب بل هي مواجهة عالمية نحن جميعا بحاجة إلى حركة منظمة وجهود عالمية لمحاربة أسباب التغيير التي أدت إلى أزمة المناخ، وهو شيء كان يجب أن يحدث منذ سنين قبل أن يتفاقم اليوم بهذا الشكل المرعب. مع الأسف كان صوت النشطاء في جميع أنحاء العالم لا يستطيع أن يعلو على صوت الحكومات والشركات والمؤسسات المالية لوقف تمويل الوقود الأحفوري أو تقليص حفر المزيد منه، فرغم كل هذا التعدي السافر على المناخ العالمي تحدث اليوم 1320 عملية حفر لأبار نفطية جديدة حول العالم.
يثير تغير المناخ فواجع في كل مكان؛ فيضانات، أعاصير، حرائق، تصحر، جفاف الأنهار والآبار والينابيع ومصادر المياه المعتمدة على الأمطار وهي مستمرة ولا تنخفض مالم تتوقف أو تنخفض مساحات الصناعات الاستخراجية والوقود الأحفوري مقابل زيادة الجهود نحو بناء مستقبل للطاقة النظيفة للجميع.
ففي الوقت الذي أجبرت فيه جائحة كوفيد بعض الدول على تقليص إنتاجها الصناعي و إنتاجها النفطي بسبب الإغلاقات التي سببتها الجائحة على مدى عام 2020 ، إلا إن الدول المنتجة للنفط متأهبة كالعادة لزيادة إنتاجها مرة أخرى بوتيرة أسرع وإنتاج أعلى لتعويض ما اعتبرته خسائر بسبب الجائحة ، دون النظر لما تحدثه من أثار سلبية على البيئية و زيادة نسب التلوث التي تسببها تلك السياسات.
توجد في جانب أخر من التفكير بمستقبل الإنسانية بعض الجهود لتقليل سلبيات الطاقة الإحفورية، فقد أعلنت وزارة الطاقة والثروة المعدنية في إندونيسيا عدم موافقتها على بناء أي محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم ، باعتبارها واحدة من أكثر البلدان ضعفاً في مواجهة انهيار المناخ، حيث يعيش 23 مليون شخص في المناطق الساحلية معرضين لخطر الفيضانات والغرق، وهنالك من يدعوا إندونيسيا للتخلص التدريجي من الفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى، وهكذا تتخذ الدولة خطوة في الاتجاه الصحيح بيئياً وإنسانيا.
وهنالك دعوات لليابان في سبيل التوقف عن تمويل إنتاج الفحم في بنغلاديش، فقد حضرت اليابان، وهي عضو في مجموعة السبع - القمة في لندن في 11 يونيو 2021 لمعالجة تمويل المناخ، وفي نفس الوقت تمول مصانع للفحم في بنغلاديش وهي مشاريع أدت إلى نزوح المجتمعات المحلية بسبب أثارها المناخية. وباعتبار إن بنغلاديش دولة نامية وتحتاج إلى أي دعم يمكن أن تحصل عليه تم إطلاق مشروع الصفقة الخضراء الجديدة كوسيلة للضغط على الحكومة لإلغاء جميع مشاريع محطات الفحم ومتابعة مشاريع الطاقة الشمسية الجديدة.
نظم النشطاء في جميع أنحاء العالم أيام الإجراءات العالمية - 17 - 22 يونيو - مستهدفين وقف تمويل مشاريع الوقود الأحفوري وإزالة الغابات وانتهاكات حقوق الإنسان في عدة مناطق من العالم منها طوكيو وجاكرتا ونيويورك والبرازيل وغيرها الكثير. وهنالك دعوات لجميع دول العالم لوضع خارطة طريق للإعتماد على الطاقة النظيفة والمتجددة بدلاً من تزايد حرق النفط والغاز.
من أبرز التأثيرات المناخية هي موجات الحرارة الشديدة التي تمتد إلى جميع أنحاء العالم، حيث تم تسجيل مدينة جاكوب آباد الواقعة في باكستان على أنها أكثر المدن حرارة في العالم، حيث وصلت درجات الحرارة إلى 52 درجة مئوية، وفي العراق سجلت البصرة و ميسان و ذي قار درجات مشابهة . كما شهدت أجزاء أخرى من آسيا وأوروبا درجات حرارة قياسية غير مسبوق ة أدت لإشتعال الحرائق في غابات تعتبر رئة تنفس الأرض وتعويض نسب الأوكسجين فيها.