آخر قطرة نفط في العراق ستكون من البصرة .
بقلم : محمد عدنان بهية /24 حزيران 2021
يمتلك العراق خامس أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، بعد فنزويلا والسعودية وكندا وايران، والثاني عربياً بعد السعودية، حيث بلغ 148 ملياراً و 800 الف برميل حسب ما أعلنته مؤسسة GFP العالمية، بينما يبلغ الاحتياطي غير المؤكد اكثر من 300 مليار برميل، وهو يمتلك ثلاثَ من اكبر خمسة حقول نفطية في العالم ( الرميلة ، غرب القرنة ، كركوك )، مما يتيح له الاستمرار في الانتاج والتصدير لفترة زمنية طويلة جداً.
بالرغم من كمية الاحتياطيات الهائلة إلا ان تصدير النفط واسعاره في تذبذب مستمر وتخضع لعوامل السوق العالمية ولا يمكن الاعتماد عليها في التخطيط الاقتصادي المستقر والمستدام.
بناءً على التأثيرات السلبية التي يعاني منها المخططون للاقتصادات في الكثير من الدول المعتمدة على ايرادات الموارد الطبيعية ومن اهمها النفط والغاز، فقد ذهبت هذه الدول الى تقليص الاعتمادية على ايرادات النفط والغاز في بناء موازناتها من خلال تشريعات او قوانين تمنع الريعية في الاقتصاد وتقوم بجعل إيرادات النفط والغاز قاطرة تسحب القطاعات الاخرى وتطورها بدلاً من اهمالها نتيجة الحصول على ايرادات الموارد الطبيعية، كما ان الدخول في عمليات الصناعات التحويلية والبتروكيمياوية على الموارد الطبيعية قد يجلب ايرادات مضاعفة بدلاً من تلك التي يجلبها من بيع الخامات ، فعلى سبيل المثال ان استيراد برميل من البنزين اغلى من بيع عدة براميل من النفط الخام .
مع نهاية عام 2019 ومطلع عام 2020 مر الاقتصاد العراقي بضغوط مالية حرجة بسبب انهيار اسعار النفط في الاسواق العالمية وانحسار الايرادات النفطية الى ما دون المعدلات التي تعودت عليها الموازنات العامة في العراق، فعجزت الموارد المالية المتاحة عن تامين كافي لتغطية رواتب الموظفين مما دفع الحكومة العراقية الى الاقتراض لتمويل الرواتب وبعض النفقات الضرورية، لذا فإن التنويع في الاقتصاد وتطوير القطاع الخاص وتعظيم الايرادات غير النفطية من الامور الضرورية التي يجب ان تتوجه لها الحكومة العراقية ، ان وزارة النفط بالرغم من ايراداتها العالية هي ليست المكان الملائم لتشغيل جيوش العاطلين من الشباب ورفع المستوى المعيشي لشرائح واسعة من المجتمع، حيث يبلغ تعداد كادر الوزارة 132 الف موظف بحسب تقرير مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية لسنة 2018 ، بينما يمكن ان يشغل قطاع السياحة والاستثمار في الاسكان وتطوير الزراعة الملايين من الشباب .
تدل خارطة الاستكشافات للموارد الطبيعية في العراق على وجود اكثر من 450 تركيباً جيولوجياً و 28 نوعاً من المعادن، مما يعتبر مدخلاً ضرورياً لإعادة رسم خارطة الاستثمار لهذه التراكيب واستثمارها او التعامل معها بطريقة تؤمن فتح منافذ جديدة للعمل ومشاريع استثمارية تدر ارباحاً جديدة ترفد الاقتصاد العراقي، كما ان وجود العراق ضمن خارطة الحزام والطريق سيؤمن فتح ابواب تجارية واستثمارية وموارد عبور للبضائع لا يستهان بها .
من الواضح ان الكميات الهائلة من النفط والغاز والمعادن التي تكتنزها الارض العراقية لم توفر حتى الان العيش الكريم لشرائح واسعة من المجتمع من دون اعادة رسم خارطة الاستثمار وتطوير وفتح ابواب جديدة للاقتصاد العراقي تؤمن الاستثمار الامثل لتلك الثروات والتوزيع العادل لإيراداتها بما يؤمن رفع المستوى المعيشي للمجتمع العراقي بالكامل.
محمد عدنان بهية
بابل 2021